حينَ تُشاغبني السيرة، تختلطُ عليَّ تفاصيل الأنا وَتَقْفِزُ أسئلة اللّيل الهادئ كحلمٍ نيئٍ لطفلةٍ: أَأختصرني ببضعِ حروفٍ نازفة تُقلّم إطار ضوئي هربًا من مَللِ السِّيَر، أم أنْتَصفُ بها للحدّ الذّي أرتكبني بهِ و لا أفعل؛ أم أُسْهِبُ بصورة الْوَهم الذَّي أطالعهُ في المرآة كلّ صباحٍ وأَنا أُرتبُ شَعري ..كيْ أنْفَذ مني لِهِيَ .._ تلكَ التُّغريني تفاصيلها _ ؟. …/ أَحارُ بانتقاء فُستاني وأتركُ لرَقصةِ صَمتي خطوات المَسير.~
خرجتُ من غُرفة أمّي في الثّامن عشر من تشرين الأوّل (أكتوبر) في ليلةٍ باردة رَفَعتْ بها ملائكة السّماء رايات السّواد في الأوّل من مُحرّم، أحمِلُ عليَّ هيْئةً لأُناسٍ كُثر لا يُمكن استجلاءِ ملامحهم و لا اخْتِصَاْرهم تَحْتَ اسمٍ واحدٍ، فقَلّدوني الـ[ أسماء ] تَميمةً أصحبها أينما أذهبُ وَتُمَيّزني. بدأت رحلتي معها برَقْصة الجرح لأقدامٍ من زجاج تقفزُ بِخِفَةِ الأحْلام على “العارضة“.. بجسدٍ ليّنٍ كالطين لأصغر لاعبة جمباز وأنا أفتحُ دَفْتَري أوّلَ مرّةٍ سنة 1988م، وَكَمْ تَمنيتُ لو حادتْ البداية عن الرغبةِ قليلاً لأكون في فَريق الباليه عوضًا عن الجمباز لأشْبهني أكثر؛ ثُمَّ بالملاجئ وصوت الرَّصاص وثلاجات الموتى ذات غزوٍ لحلمي سنة تسعين وحينها تحديدًا تَشّربتُ الوطن، تَعلّمتُ قيمة الأشياء، كَبُرْتُ عَني وفيّ، وشعرت بأنني أُشبه ” بَيْرق السّواد” تمَاْمًا فكُنْتُهُ حين بدأتُ خُطْوَتي في مسيرة الحرف وأنا أكتب مجموعتي القصصيّة الأولى في سن العاشرة من عمري،_ وحين أقول “ مَجْموعتي القصصيّة الأولى“ أفتحُ نوافذ الفكر على سماء من دهشةٍ تتساءل: كيفَ للطِّفلة أن تَكتب بتلكَ الغزارة وهي بذاك العمر الضئيل؟ كَيْفَ أغْوَتها الغُربة لتُمسكَ قصَبًا؟. و لستُ أبحثُ عن إجابة_؛. وَتَوَغَلْتُ فينا وأنا أكتشف _ للمرةِ الأولى _ قُدرتي على رسم كلّ ما أحبّه لدرجة التوأمة و أنا في الرابعة عشرة، ومن يومها عَقَدْتُ صَفْقة مع أقلامِ الرّصاص وَعلّقتني البورتريهات مِن أحزانها؛ كُنْتُهُ حين أسمتني جدّتي بـ [ شَهـد ] وَ كَنّتني بـ”أمّ حَسَن” لأنّ تطَابقًا كانَ بيني و بين تلكَ المرأة التعيسة الطيبة البَسيطة فَوَرَثْتُ تَعبها وَالْفَقد..؛ كُنتُه حين قَدَّمتْ جائزة تَفَوّقيْ بالمَعْهَدِ الديني موعدها كي لا أفرح بها..؛ فحرصتُ على التّمسكُ بكلّ ما يعنيني وباتت تُغريني الخَيْبات أكثر، كُنْته حين تقابلتُ مع صديقي الحزن وجهًا لوجه للمرة الأولى يَوْمَ وفاة (جَدتي) في الثامن من نيسان/ أبريل 2005م، _ و لا أدري لِمَ أخّرّ اللقاء لذاكَ اليوم _… ففَقَدْتُ يومها الْوَطَن .. لِأَنْضَجَ وَحزنِي كَثِيْرًا. حاولت التملصَ منه حين تَخَرّجْتُ من الجامعة بِمُعدلٍ يُشرّع أمامي بوابات الفرح. و لكنني ما لبثتُ أن عدتُ إليه مرة أخرى حين خذلني حلم الْمَكان.. ف كَانَ لي الوَطَنْ وَكُنتُ هذي الأنا. هَلْ تكفي هذهِ ” البيارق ” لاستجلاء تفاصيل الملامح التّي أكون../ و تَلْبَسني .. هذه الأعرف جيدًا بأنني بعد فترة وجيزة سأنكّس منها بمقدارٍ يُطابقِ روحي وَ يُرضي مزاجيتي /..؛ فلا تنسى يَاْ صَديقي أن تَعبر على روحي كلّما سَنَح لكَ ضوء.. فربما أكبرُ قليلا.. أو أصغر..؛ و أتركُ حرفاً غير الذّي قرأتْ..~ نُشرت في: 6 أغسطس، 2009م
وَمَضَةٌ: – شَهـد الفضلي / و أسماء في روايةٍ أخرى. – مِن الكويت. – حاصلة على بكالوريوس تربية – قسم اللغة العربية 2008م. – مُعلّمة للغة العربيّة. صَدَرَ لي: – فاصلة مَنقوطة/ مَجموعة شعريّة عن دار مَسعى للنشر. – دارتس (لعبة الخسارات الرابحة) / مَجموعة شعريّة عن دار مَسعى للنشر. |